أبيض وأسود
الاستاذ عاطف عبد •اللّـہ̣̥ /يكتب
( أبيض وأسود )
..............قصة قصيرة بقلمي ( الكاتب عاطف عبد الله )
(لم يتبق في العمر الا القليل حبيبتي ..لكنني سأحقق لك ماتمنيتيه في دنياكي قبل أن تفارقينني لقد نما المال بفيض لايريد أن يتوقف عن هطوله كسيول السماء سبحان ربي العظيم نعم فالأمانة كانت ثقيلة علي عاتقي الا أن دعوتك ومحبتك لي كانتا كنز آخر غمرني برضي الرحمن فحلت البركة في مالك الذي ورثته منك ولقد آن الأوان أن أحقق لك الحلم الذي حلمنا به ) كانت تلك كلماته الي زوجته في قبرها وقد رحلت عنه تاركة دنياه وارثا عنها تركة عظيمة فلم تنجب منه ابنا ولابنتا بعد زواج دام خمسون عاما لم يتزوج عليها ابدا علي الرغم من كثرة الحاحها عليه مرارا وتكرارا بان تزوجه زوجة اخري غيرها لكي يكون له ذرية من صلبه فكان يرفض رفضا قاطعا لحبه الشديد لها حتي فكرة التبني كان يرفضها فلقد اخبرهما الاطباء بأنه سليم ويستطيع الانجاب أما هي فكانت من المستحيل أن تنجب الا بمعجزة ربانية ...استمرت حياتهما في رغد وايمان وعشق ولم تتحقق المعجزة فرحلت عنه ولكتها قبل ان ترحل أمنته علي أموالها الطائلة التي ورثتها عن أبيها منذ زمن بعيد فلقد كانت هي الاخري وحيدة ابويها فورثت كل هذا النعيم ثم تركته لزوجها الذي احبته وتزوجته من بين كل الرجال فهو الوحيد منهم الذي لم يكن طامعا في مالها وحسبها ونسبها انما هو الوحيد الذي أحبها لذاتها ولانه راي فيها نورا روحانيا لم يجده في أخريات كثيرات غيرها هي التي اختارته فلقد ارتضت فيه دينه وخلقه فتزوجته برضي من ابيها الذي ارتضاه فقد كان رجلا صالحا ايضا قالت له قبل وفاتها بسنتين ( اذا توفاني الله قبلك فعليك أن تقيم مشروعا كبيرا بكل اموالي لكي يكون صدقة جارية لي ولك ولابي ولينتفع منه الناس اجمعين وان مت انت قبلي فسافعل نفس الشيئ ) تعاهدا علي ذلك فاختارها القدر أولا فاستثمر المال من بعدها لسنوات فكانت البركة تحل فيه كالسيل العرم كشلال منهمر لايريد أن يتوقف ابدا بل ان بركة الله لاتريد أن تتوقف ابدا حتي صار من أغني أغنياء الأرض قاطبة هنا قرر الوفاء بالعهد ففكر مليا انه يريد أن يفعل حدثا لم يسبقه اليه أحد من قبل ...وبعد تفكير ودراسة دقيقة قرر شراء مساحة هائلة من الأرض الصحراوية مساحتها ( عشرة آلاف فدان صحراء جرداء لازرع فيها ولاماء من الحكومة لاقامة مدينة سكنية صناعية زراعية منتجة ) فوافقت الحكومة ودفع ثمنها من ارصدته الهائلة في البنوك ثم اقام حولها سورا عاليا ضخما ثم اعلن اعلانا غريبا في جميع وسائل الاعلام كتب فيه ( تعلن مؤسسة الرحمن العالمية للاستثمار عن حاجتها للتعيين فورا لمهندسين في كافة التخصصات الهندسية وأيضا لعمال ومزارعين علي كفاءة عالية بشرط ان يكون المتقدم حافظا لثلث القرآن الكريم ومائة من الأحاديث النبوية الشريفة والصحيحة ) اندهش الناس لكن بعد مرور الوقت بدأ الجميع يتقدمون لنيل الوظيفة حتي ان استوفوا الشروط نالوها وبعد ان اكتمل العدد اكتفي وبدأ العمل الشاق وبعد مرور ستوات خمس انتهي المشروع العملاق فصارت الصحراء الجرداء ثلثها جنة خضراء وارفة الظلال والثمار وثلثها الثاني مصانع مجهزة للعمل والانتاج والثلث الاخير مدينة سكنية مكتملة المرافق حتي المستشفي والمسجد الكبير والنادي وقسما للشرطة وغيرها من مستلزمات المدن العصرية ...صارت مستعدة لاستقبال ساكنيها ....في تلك الأثناء اطلق الحاج عبد الرحمن نداؤه الثاني لكل الناس للعمل والسكن في( مدينة الرحمن النموذجية المتكاملة) بشرط أن يكون المتقدم حافظا لنصف القرآن الكريم ومائة من الاحاديث النبوية الشريفة الصحيحة فهذا شرطا اساسيا للقبول وبدونة لن يدخلها ...وبالفعل مرت الشهور وصارت مدينة الرحمن واقعا بعد حلما نواة لمجتمع تأسس علي التقوي بعيدا عن التطرف والسوء هكذا تبني المجتمعات ..كانت تلك الكلمات في حق هذا الرجل العظيم تتجلي في حضور قيادات الدولة حين تم افتتاحها اعجابا وانبهارا بفكر هذا الرجل الرشيد الذي بذر بذور الخير وأسس علي التقوي من أول يوم لمدينة هي بالفعل فاضلة لانها ستنعم بأناس يحفظون كتاب الله ويعيشون علي نهج رسوله العظيم وسنخلفهم اجيال وراء اجيال توارثت عظمة الاسلام في ابهي صوره كما كان في بداية عهده دينا للمحبة والسلام ينثرون النور بمشعل الحضارة الانسانية القائمة علي مكارم الاخلاق التي من اجلها بعث رسول السلام صلي الله عليه وسلم ...وبعد عام فقط توفي الرجل العظيم فأقاموا في مدخل مدينته الفاضلة تمثالا كبيرا مكتوبا اسفله ( هذا عبد من عباد الله وفي دينه ويبتغي من الله رحمة وغفران )
.........................................
تحياتي لكم من القلب
بقلمي ( الكاتب والشاعر)
عاطف عبد الله

ليست هناك تعليقات