صمت الرقاص


جاد عبدالله/يكتب..............

صمت الرقاص
**************
سكون الروح و صمت العقل النادر،
ولو لثوانٍ قليلة جداً.. هو جمال مقلق في غياب ضجيج الفكر صراخ الاشجان.
لأول مرة ، منذ أن استوعبت وجود هذا الضجيج الهائل في ثنايا عقلي ،لأول مرة لا اسمع منه الا صمته, و سكون روحي يثقل كاهلي أكثر.
فهل تاهت افكاري في غيابات اللا وصل ؟ فلم اعد اسمعها ..ام احترقت اشجاني بلهيبها ؟ فمات أثرها و لم تعد روحي تنتفض به؟.
و لكنني ما زلت و من غرفتي اسمع ..ضجيجاً ليس بالجديد ، و لم اسمعه من قبل يأتي من هناك , من الجهة الأخرى للممر الطويل الفاصل بين غرفتي و مدخل بيتي.
دق دق دق دق اهو ضجيج افكار ام انها أشجاني ؟ .. لعلي تركتهم عند الباب مع هاتفي و محفظتي حينما دخلت إلى البيت في البارحة ... و لكن نق نق نق نق ما هذا الضجيج الموزون المنتظم ؟ ... لا لا فأفكاري عبثية هوجاء تثور غير منتظمة ، و صراخ اشجاني كفيل بخربشة كل لوحات الفكر، و كفيل بخلق دوامة اللانهاية في كل محاور حياتي.
بات هذا الصوت يزعجني أكثر من غياب ضجيج افكار و بات توتري يدفعني ان احمل جسدي المثقل بالكسل ، لاقطع مترنحا الممر الطويل فلا أجد شيئاً ..الصوت تلاشى..و الحائط فارغ تماما الا من المجهول يتجسد الفراغ.
دهشت من واقع حالي و تسمرت في موقعي ،،و عيناي تتأمل ضبابية الأمر كله, حتى شقت لوحة ذهولي ومضة قدمت من صدري ، من خلف ضلوعي ، أرسلها قلبي ليمنعني من التقدم الى حافة هاوية ما.
ومضة قلبي حثتني متسائلا باستنكار " انسيت انك ارسلت ساعة التاريخ إلى الفني لكي يصلحها ؟"
فأجبت بتعجب " انا ارسلتها؟ و لما ؟ما العيب فيها ؟ لحظة لحظة وهل كان لدي ساعة التاريخ فعلا؟"
نظرت إليّ استرسلت" ما بك اليوم كأني اراك لاول مرة في حياتي"
هنا خرجت كل مكنوناتي ثائرة ..امال و احلام و حروف كالسيوف تحارب ضبابية الحدث كي يتجلى نور الوعي مشرقا في ذاتي.
عاد ضجيج افكار و عادت تصرخ أشجاني و نبض قلبي عاد متسارعا و عدت أبكي من جديد.
ساعة التاريخ عند الفني ، لان الرقاص توقف عن سرد القصص حزنا على ضياع التاريخ في متاهة الكذب والدجل والتزوير.
الرقاص احرجني ..فانا لم افكر مثله حتى ولم اتوجه الى ذاتي فاعاتبها على تقصيرها في حق التاريخ.
انا بقيت متفرجا اسمع صرخته المنتظمة الموزونة دائما و كأنها جزء من يومي ،، و لا احرك ساكنا و لم أفكر برهة به ...
ضجيج افكار مؤازرة للرقاص ،،صمتت ..لأسمع ضجيج غيابه و دموعه و صوت عذابه ..فالتاريخ فقد معظم أحبابه و بقينا نحن كالمتفرجين...لا نحرك ساكنا او في احسن الاحوال نستهجن الأمر في داخلنا فقط.!!!
أدار جسدي ظهره و بدأ يقطع مسافة الممر عائداً الى غرفتي كما أتى مترنحا ،،مثقلا،، و لكن ليس بالكسل هذه المرة, بل مثقلاً بخيبة الأمل و انهيار العزيمة.
وصل الى السرير ليبدأ مرحلة صراع أخرى تتصارع فيها كل الافكار و المشاعر و الدموع ، و لا تسمع سوى تنهيدات الفشل و نبض القلب ، يومض بالامل منتظرين ان يعود الرقاص و تعمل الساعة و تستمر الحياة و يملأني الضجيج من جديد، و يغيب سكون الروح.. و صمت العقل النادرالجميل المقلق....
******************
جاد عبدالله

ليست هناك تعليقات