ثرثرة في ليلة شتوية...


مازن..../يكتب..........
ثرثرة في ليلة شتوية...
ظلامٌ...شوارعُ شبهُ خاوية ... أعمدة الإنارة كأشباح ...بعضها بلا إضاءة...صوت الريح يصفّر بين الحين والآخر كذئاب جائعة في برية... الأشجار تتراقص فتلقي بظلال باهتة على الارض المبتلة...
يخيّلُ لي أني أقطنُ مدينةً لا أعرفها... فما كانت هكذا مدينتي الأثيرة يوماً ، ولا عهدتُها متشحة بهذا الوشاح الأسود في مثل هذه الأيام من العام.... ولا كان شارعنا موحشاً كئيباً كما اللحظة....
أتأمل المباني المتراصّة على جانبي الطريق ، وكأنها عجائز بمأتم...فالكهرباء ضنينة الحضور... كما باقي الخدمات في المدينة....
هناك بزاوية من الشارع ، عامل نظافةٍ غطّى رأسَه وجسدَه بقطعة كرتون أو نحوها... لا أعلمُ سبباً لبقائه في هذه الساعة المتأخرة من الليل ، وتحت البرد والمطر... جُلَّ همِه أن يُثبتَ حضوراً ليقبض في نهاية اليوم بعضَ قروشٍ لاتُقيم أوده ..... في غرفتي ، أقبع تحت غطاءٍ سميك ، على ضوء فانوس خافت ، أحدّق كلَّ حين بالساعة المثبتة على الحائط ، وأعدُّ ماتبقى لعودة الكهرباء...
أنظر بعيون والدتي الملتحفة أيضا غطاءَها ، أكادُ أسمع كلَّ ماتحدثُ به نفسَها...تنظرُ إلي ، وأبادلها النظر ، دون أن ننبسَ ببنتِ شفة...فما تريد قوله أعرفُه حقاً... ليس لفرط ذكائي ، ولكن لأنه حديثنا اليومي ذاته ....ذات السؤال ، ولا أملك له جواباً..
صوت خشب الشباك يثيرني ، يوتّر أعصابي... موسيقى نشاز أسمعها رُغماً عني... قرقعةٌ هنا وهناك...
شادر المطبخ يتخبطُ كمهووس مسّه جنٌ... من شباك مطبخي  ، ألمح حراسَ أحد الأبنية الهامّة... أسمع صراخ أحدهم وهو يشتم مازحاً... يتفنّن بالكلام البذيء ، وأغنيةٌ لعلي الديك تتناهى لسمعي متقطعةً .... واضح أنها تروق لهم كثيراً...

اليوم لن أغسلَ وجهي ، ولن أفرشي أسناني..وليكن مايكون... برودةُ الماء لاتُحتمل... ثلجٌ مُذاب... وأتذكر أني لم أصلِّ بعد العِشاء... لامفر من الوضوء إذن...وابتسمُ وأنا أتذكر ....
 إسباغُ الوضوء على المكاره!!!..الان؟؟و في هذا الزمهرير؟؟؟... فليكن الله بعوني... مرهقة الصلاةُ عند تأخيرها...أتُراني أصلي صلاةَ منافق!!!...

تجاوزت الساعةُ الزمنَ المقررَ لتشريف الكهرباء...يبدو أن الموظفَ المسؤولَ قد غطَّ في نومه...ليجعلها اللُه نومة أهل الكهف...ماذنبنا نحن أن نبقى غارقين بالظلام؟؟؟
اييييه... لن يريحني من تذمري وثرثرتي ، إلا أن أندفس في فِراشي.... ومن يعبأ بي أصلا؟؟تذمرت أم بلّطتُ البحر؟؟... ما أنا إلا ....لاشيء..لاشيء على الإطلاق... 
 اللهم باسمك أضع جنبي..وباسمك أرفعه...

مازن....

ليست هناك تعليقات