كدت أخرج من نفسي
الاديب الاستاذ لطفي لطفي / يكتب ...
كدت اخرج من نفسي.★
مازالت نفسي تلهث بصعوبة وينزلق انينها مدويا ...خافتا في قلب السكون في قلب الصبر ..في قلب الوجع..ارمق نفسي وهي ترتدي كل اشكال الضجر وترتخي في خيمة التعب واسمع لها زفيرا شاحبا يكاد يخرجني من فمي. اقف على شرفة غرفتي وانا امتطي صهوة الشجون والقلق اتامل حال الدنيا ،ياخذني الفضول لالبس نظارات جدي القديمة المستديرة الضخمة لعلي ارى الدنيا جميلة كما كان يراها.. لكن دون جدوي..
ارمق ثلة اطفال يمرحون ويركضون في ابهي الثياب ،يرتمون علي الرصيف ويلامسون باجسادهم التراب وكثبان الرمل وكاني بهم يسبحون في عرض البحر ..يحتويهم الفرح خليطا بالبراءة بالصغر والحلم يلاحق اعينهم ..
وتتسلل عيني في لحظة صدق الي ركن من ذاك الزقاق ،تهجس نفسي ..تصرخ عيني حين ترمق طفلا جاثما في وضع الجلوس يحرك التراب بانامله اتقدم نحوه دون شعور مني ،يقتلني وجهه المتجعد علي صغر سنه
وعيناه الغائرتان وانفه المدبب وكاني بجسده شاخ قبل الاوان..اناديه بصوت الابوة ..تعال الي حضني ايها الصبي ...لم يحرك ساكنا وكانه لا يسمعني..اعيد له النداء يرمقني بعين منكسرة غامضة لازلت اذكرها لكني اعجز عن فك شفرتها ،،نظرته بحرا من الضيم والبؤس
اعيد النداء بنبرة مختلفة..تعالي عندي بني !
يقف الطفل مرتميا في حضني في لهفة عارمة
ارتعش جسدي حين لامست يديه الخشينتان من شدة الضنك ..كان صدره باردا وانفاسه منحبسةوكان قلبه لا ينبض منذ زمن ..اراد تقبيل يدي فقلت اعوذ بالله لا تفعل بني
ابتسم في وجل ابتسامة حزينة وقال ..قلت يا بني ؟
فقلت له اجل ..ولنذهب للبيت ..لم يمانع فادخلته غرفتي الصغيرة واجلسته علي كرسي امام طاولتي ولبث جالسا يتحلي بالصبر يتصفح الكتب والكتابات المبعثرة في اوراق وكان وجهه ملصقا شاحبا ..جعلتني احس بانه جائع..طلبت منه البقاء حتي احضار الفطور..
احضرت ما حضر من طعام ،لكن الطفل كان يراقب عيني وتقاسيم وجهي دون ان يدرك حضور الطعام وانا الذي كنت اظن ان عقارب الزمن ستتوقف عنده عند حضور الطعام. لكني وجدت عكس ذلك تماما !!
وقال لي بصوت شجي اتسمح لي سيدي بالكلام وانا الطفل في نظرك وليس على الطفل حرج ..فقلت تفضل بني اسمعك..
فقال لي.."اعرف انك تتساءل عنى مكاني بجانب اترابي وعدم مشاركتي في اللعب
اعرف انك ستتعجب ان قلت لك اني انا الطفل الجالس امامك حلمي هرم فوق كهف ..المي يرفض الاقتناع بالحب في زمن القلوب المبرمجة اليا لكني امشي علي صرط تتبعني احلامي وماساتي وطفولتي تداعب وعيا مجنونا ..يقودني اصراري علي الجلوس لوحدي غير عابىء بلسعات الواقع المرير وريح الخراب التي تلاحقنا جميعا..وفي كل منا امل ارهقته المسافات الطوال والاماني العجاف ..وتري احبة فرضهم القلب والعقل ليقودوا كل حواسنا.واقارب مثل العقارب لا يرجي منهم خيرا..وفجر الايام يراوغنا كلما تنفس صبح جديد وليل يغرقنا في دهاليز القتامة وما نحن سوي تراب يمشي فوق التراب..وما الحياة سوي ثلاثة ايام امس خائن ويوم عنيد وغدا في علم الغيب.."
وتسللت يده الي حبة عنب تناولها ..لكنه ضربتي بقسوة بهذه الكلمات وجعلني حقا استفيق من فزعي وجزعي اتراوح بين الحلم واليقظة ..ارتفعت حرارتي وبكيت بحرقة علي ما قال لي ..وقف بقامته الصغيرة ومسح دمعي وقال سامحني عم لطفي لا تغضب مني ..الم اقل لك ان اتكلم وانا الطفل وليس على الطفل حرج "
احسست بشي يشبه الجفاف الموغل في حلقي وشي كالعرق كالارق يبلل وجهي وجبيني
انصرف الطفل ساعتها ولا زال صوته يؤرقني كرنين جرس صادح في ذاكرتي يزورنى الليلة تلوى الاخرى، وما زلت الي حد هذه الكلمات مبعثرا ضائعا في غياهب الدهشة والذهول لا اريد ولا استطيع ان انسي هول وروعة ذلك الطفل وما قال لي...تمت
....ايقنت حقا ان لا شي يطرد الحزن مثل الكتابة.
تحيات صديقكم لطفي. العبد لله.
كالعادة من وحي الخيال ★★
ليست هناك تعليقات