لا أدري أي طريق أتبع،هل أمشي وراء خطوات العقل أم أتبع صدى القلب،هل مازال له حقا حس؟
لم أعد أميز بين واقعي وأحلامي صور كثيرة كثيفة متناثرة هنا وهناك، أمام بصري، وعقلي لا يميز بين ما يعود منها إلى المنام وما يوجد منها في الواقع وجوه وأحداث أرى أغلبها بأحلامي قبل واقعي، حقائق مثيرة،أشخاص يحاولون الخداع لا يدرون أن سجلاتهم مفضوحة أمام إحساسي وحدسي،هكذا استهل المريض حديثه أمام طبيبه النفسي المعالج وهو يستمع إليه في اهتمام و إصغاء، سكت المريض فطلب منه الطبيب إكمال الحديث، فأردف هل تعلم أيها الطبيب أن زوجتي رأيتها هناك بمنامي وتزوجتها هناك سنوات عديدة وعشت معها أشياء كثيرة هناك ،أكثر مما أعيشه معها الآن، ثم ابتسم مضيفا لقد كانت تحبني هناك بجنون وكانت أكثر طاعة ورضوخا لي وكان جمالها أكثر رونقا،أما هنا فهي متعجرفة ومتكبرة ، بالإضافة إلى أنه ذات يوم احتفلنا بعيد ميلادها وأحضرت لها هدية كانت عبارة عن سلسلة ذهبية ووضعتها في عنقها وفي يوم سألتها أين السلسلة التي أحضرت لك في عيد ميلادك الأخير أجابت مستغربة لم تحضرلي أي شيء في عيدي ميلادي العام الماضي وعيد ميلادي لهذه السنة مازال على موعده شهر فاكتشفت أن كل مارأيته عن الهدية وعيد الميلاد كان حلما بمنامي، أتظن أني أصبت بالجنون قال الطبيب لا طبعا هذه حالة عادية نتيجة الإرهاق الذهني لقد أجهدت نفسك في التفكير، هذا كل شيء عليك أن تتوقف عن التفكير وستكون بأفضل حال ،وانتهت الجلسة عند هذا الحد ،فبدأ المريض يسمع أحدا يناديه وتوضح له الصوت شيئا فشيئا إنه صوت زوجته تناديه استيقظ لقد تأخرت عن عملك إنها الثامنة نهض مسرعا ليكتشف أن مقابلته مع الطبيب كانت حلما تجهز للمغادرة إلى عمله مستمرا في التفكير في المقابلة التي كانت له مع الطبيب كل تلك المحاورة التي تمت وكل تلك الديكورات التي بالعيادة كيف لعقل بشري أن يراها بتفاصيلها في منامه، عادة الحلم يكون بسرعة ومضبب الملامح لكن ما أراه يكون بوضوح وتحسه كل جوارحي ويكفيني عن حياة الواقع برمتها ،غادر شقته ولم يترك خضم أفكاره فارتطم بجسد عند مخرج العمارة رفع رأسه ليعتذر فوجد وجه الطبيب الذي جالسه بالمنام لتزيد الصدمة قال الشخص عفوا لم انتبه فرد عليه في ذهول لا عليك أنا أيضا كنت مسرعا فقد تأخرت عن عملي أخبره الشخص أنه ساكن جديد بالعمارة أجر شقة لتكون عيادته وأخبره بالمناسبة أنه طبييب أمراض نفسية، كاد أن يغشى عليه جراء ما سمعه، فرحب بالدكتور، وتدرع بتأخره عن العمل،وهرول مبتعدا ،كادت أن تصدمه سيارة من شدة صدمته رغم أن الحالة أصبحت مألوفة لديه بمرور الوقت، استمر ماشيا قبل أن يتذكر أن عليه ركوب سيارة أجرة للوصول بسرعة إلى مقر عمله الجسد متجه إلى مكان لكن العقل مسافر إلى مكان غير الذي يتواجد به صاحبه.
ليست هناك تعليقات