الصدقه ترفع البلاء






الأديب تحسين المعموري /يكتب

قصة واقعية /

فجئة توقفت ساق ابي ويده اليمنى وكان الم شديد يشعر به حتى انه كان يصرخ من شدة الألم فأبي رجل كبير بالسن تجاوز السبعين من العمر فحملته واخذته الى الطبيب وبعد معاناة كبيرة في الطريق المزدحم وصبلت الى الطبيب حاملا ابي وهو يتالم بشدة فقال لي ذلك الممرض انتظر دورك وكان دوري كما قال بعد ساعتين وهنا اصبحت المعاناة اكبر ولكن المعاناة الحقيقية اني لا استطيع ان افعل شيء لأبي لخفف عنه الالم والممرض لا يأبه ولا يبالي بالم ابي نعم فهناك إناس ليس في قلوبهم رحمة بل هم لا يعرفون ما معنى الرحمة حينها بكيت في داخلي وهذا اقسى انواع الالم نعم البكاء الذي يكون من غير دموع فهو يعصر قلبك عرفت بل تأكدت حينها ان الرحمة والانسانية والشفقة والعطف على الكبير كلها قد انتهت وتلاشت من عالمنا هذا واصبحت كلمات اما تكتب او تقال حينها تغيرت مفاهيمي للحياة نعم لقد تغيرت مفاهيمي وهنا ودون ان اشعر واذا بيد تمسك يدي وصوت يقول لي اذهب الى الصيدلية التي تحت عيادة هذا الطبيب واجلب لأبيك مسكن ليهدأ المه وهنا ركزت على صاحب هذا الصوت واذا هو رجل كان يجلس بالقرب من ابي واعتقد انه كان ايضا مراجع لهذا الطبيب واظنه قد حزن لصراخ ابي لذلك قال لي اجلب له مُسكن الم فذهبت
وحين وصلت الى الصيدلية وقبل ان اشتري المُسكن لأبي دخلت أمراة ومعها ثلاثة اطفال صغار وكانت حزينة جدا وتبكي ايضا فسمعتها وهي تقول اريد هذا الدواء اريد هذا الدواء فاخذ منها الصيدلي الوصفة الطبية فقال لها هذا الدواء موجود ثم جاء به اليها فسألته المرأة وقالت له بني انا اأمراة فقيرة ولا احمل معي مال وهذا الدواء لأبني الذي تركته على الفراش بين الحياة والموت واذا لم اخذ له هذا الدواء سوف يموت وهنا بكت المرأة المسكينة ولكن صاحب الصيدلية امتنع ان يعطيها الدواء واظنه المسكين كان عاملا بتلك الصيدلبة ولكن ما احزنني ليس صاحب الصيدلية الذي لم يعطي الدواء الى تلك المرأة المسكينة ما احزنني هم الناس الذين كان يقفون ليشتروا ايضا الدواء من تلك الصيدلية وسمعوا ورأوا بكاء المرأة المسكينة ولم يبالوا ببكائها والله لقد تمزق قلبي حينها وهنا تاكدت للمرة الثانية ان الحياة قد انتهت وكدت اقتنع اني كنت على خطأ حين كنت اتصور ان الحياة جميلة وان الناس قلوبهم بيضاء ومملؤة رحمة وعطف وشفقة واحسان لقد تغيرت لدي هذه المفاهيم والشيء الغريب ان هذا كله حصل مجرد اني خرجت الى الواقع وهذا المجتمع بضع ساعات فكتشفت هذه الاهوال وهذه القسوة التي تملأ قلوب الناس وهنا صدمت بحقيقة كان من المفروض ان اعرفها مسبقا انه لا رحمة لا انسانية لا عطف لا شفقة وهنا بكيت في داخلي للمرة الثانية كان هو الاقسى والاقسى وهنا التفت الى المرأة ثم اخرجت كل ما كنتُ احمله من نقود معي واعطيتها الى تلك المرأة المسكينة دون ان اتكلم فقد احسست بالدوار وكأني لا ارى احد ولكن شيء فقط هو الذي شد انتباهي نعم اتذكر ذلك نعم هو صوت المرأة المسكينة التي اعطيتها النقود
فقد كانت تنظر الي وتقول بني لا تيأس من رحمة الله فأن خلت قلوب الناس من الرحمة فأن الله رحيم كريم ثم قالت وان الله يغني عباده الصالحين المحسنين
ويجزيهم خيرا بما كانوا يعملون . ثم نسيت ما جئت لأجله وهو المسكن وقبل ان اصل الى الطابق الذي ابي فيه عند الطبيب تذكرت اني لم اشتري مسكن الالام لأبي فأردت ان ارجع الى الصيدلية واذا بيد تمسك بظهري بقوة فأدرت بوجهي لأرى من مسكني هكذا واذا هو الرجل الذي ارسلني لاجلب المسكن لأبي الذي كان يجلس بقرب ابي فوق في عيادة الطبيب وكان مبتسما
وهنا وقبل ان يتكلم قلت له عذرا ياعم لقد تأخرت ونسيت ان اجلب المسكن لأبي سوف ارجع واجلبه وهنا مسك يدي ايضا ثم فعل شيء غريب لم افهمه الى الان
لقد قبلني من جبيني وهو يقول لا تجلب المسكن لأبيك فقد سكن الله ألمه وقد عافاه مما به وان ابيك قد استرد عافيته وهو الان بخير فأذهب يا بني
واصطحبه الى البيت ثم تركني هذا الرجل وذهب وانا ركضت بكل ما استطيع من قوة فوجدت ابي يقف على قدميه ويحرك يديه وهو مبتسما وكان الناس الذين في العيادة يرددون ما شاء الله ما شاء الله وكأن شيء حدث او معجزة وقعت لأبي فحمدت الله كثيرا ثم رجعت انا وابي الى البيت وكان ابي يقول
انا امشي انا احرك يدي وكان فرحا جدا جدا فحمدنا الله وشكرناه كثيرا على رحمته الواسعة لنا

ليست هناك تعليقات