أحببتها
الشاعر فيصل بدر/يكتب
((( أحْبَـبْـتُـهَا )))
الإهداء الى الفنانه الأستاذه هدى
*********************************************
كأن المساءُ بالقرية بمثابة ليالى العيد بداخل بدر
فقد كتبتُ روائعَ القصائدِ فى ضوء القمرالذى ينتشرُ
وسطَ الدروبِ حتى يصلَ الى الطرق الزراعية
ويغمرَ المزارع وحينما تتنقلُ قدماى من مكان
الى مكان ما أستشعرُ نسمةَ الهواءِ التى تُداعبُ
أغصانَ الأشجارِ لتبدو ظلالُها على الارض كعشاقٍ
تتبادلُ الحركاتِ وظللتُ أتأمل هذا المنظر الممتع
فترة وجيزة وجلستُ بعدها على مدار الساقيةِ
واستمعتُ أعزبَ الألحانِ فقد اتفق الهواءُ مع تابوتِ
الساقيةِ على إخراجِ صفيرٍ يـُشبه لحنا لم تصلْ
اليه أرقى الألحانِ هذه لحظاتٌ من مساء قرية وفـدْتُ
اليها وينسحبُ المساءُ ويتسللُ ضوءُ النهارِ زاحفا
تجاه القرية ووجدتُ شوارعَ القرية إمتلأتْ بسواعدِ
لم تشهدْها عينى قط من قبل فى سَحْبِ مواشيهم
ويعرفُ كلٌمنهم الى أين يتجهُ وكيف يسير
اللهُم إلا اذا استدعى أحدُهم الآخر ليُعاونه فى عمل ما
من أعمال الحقل فيتسابقْ الآخرون كسباقِ العشاق لمحبيهم
وتمرُساعاتُ البكورفى العمل الجاد بدلالة العرق الغزير
على الجبين وتأتى لحظاتُ الراحة من عناء العمل
لتصلَ الساعةُ الى ساعات القيلولة ليقُـصَ كلٌ منهم
بعضَ النوادرالتى قابلته فى العمل وترتسمُ البسمةُ
بعرض الأرض على جبين الجالسين وتنمو
حتى تصبح ضحكاتٍ صافيةًنابعةً من القلوب
حتى تعلو الأشجارَ وتمضى ساعاتُ القيلولة
على هذا المنوال ويتناولُ الجميعُ طعامَ الغداء دون
أن أدرى من أين هذا الخيرولم يكن هناك من ينسبْ
الفضلَ أو الخيرَ لنفسه ويعودُ الجميعُ الى العمل الجاد
ولم تكنْ هناك الرغبة فى زيادة الخيرلشخص ماعلى آخر
ولم تكن الرغبة الذاتية موجودة فى داخل أى قلب
من الأصل هذا ما أدركتُه ولاحظتُه خلال رحلتى فمن
غاب عن حقله كأنه موجودٌ والعمل به كسائر الحقول
وعندما أدركتُ هذه الحقائق قررتُ أن أقضىَ الباقى
من العمر بين جدران هذه القرية ومضتْ سنواتٌ
ولم يكن أمامى سوى اختيار عصفورة صغيرة تُصْدِرُ
صوتا دافئا فى غـُرف القلب الغريب وقد اخترتُ
عصفورتى الصغيرة وسميتُها كما تشاء وعزفتُ
على فستانها لحنَ العشق وكتبتُ لِطَيْفِها أجملَ
وأرقَ الكلماتِ حتى أسمونى شاعرالقريه
ومضتْ لحظاتٌ تكْبُر فى قلبى العصفورة
وتخيلتُ بأنى قادر أن أرسمَ صورتَها فوق جدران
الكون لكنى لم أدرِ أن العصفورة من نفس فصيلة
الطيور لم أنظرْ للغد وتناسيتُ بأن الطائرَ لو فرد
جناحيه لطار بعيداً وظلمتُ نفسى حينما أخبرتُها أنها
عُكازى فى الباقى من العُمرحتى أُتمم لوحتها على قلبى .
لم أدرِ لماذا أطفأتْ كلَ المصابيح وحطمتْ ريشتى
وسكبتْ كلَ الألوان على اللوحه وأخذتْ الباقى من
العمر وطارتْ فى الأُفق الأعلى هاربة منى علما
أنى أحببتُها أُقسم أنى أحببتُها
شاعر القريه
فيصل بدر

ليست هناك تعليقات