(( ندى ))

  
 

ندى
****
قصة قصيرة
**********
بقلم // علية مصطفى خضر
**********************
نظرت في عينيه، وتساقطت دموعهما شلالات، وتشابكت الأيدي، وظلت ترنو إليه بنظرات عشق سرمدي لا ينتهي إلا بصعود الروح من الجسد.
وتتساءل في نفسها أهذا ( علي ) حبيب العمر رفيق الروح!؟
يا إلهي أتوسل إليك رده إلي هكذا تناجي ( ندى ) ربها ، فقد عاشت عمرها كله الذي لا يتعدى العشرون ربيعاً، وهي تحلم به، وتناجيه في الخيال، وتتمنى قربه، وتبتهل إلى
( الله ) أن يجعله من نصيبها وقسمتها.
لقد أينعت هذه الزهرة الجميلة ( ندى ) وسط أسرة متحابة في منزل العائلة حيث تسكن هي، وأبيها، وأمها الدور العلوي من المنزل، ويسكن ( علي ) حبيبها وإبن عمها مع أسرته الدور الأرضي، وتسكن جدتها لأبيها مع أسرة عمها .
ونشأت ( ندى ) وترعرعت وسط باقة من المحبة بين أفراد الأسرتين، وكانت جدتها تصبغ عليها من حنانها مايكفيها العمر كله، وكذلك ( علي ) عاشا معاً أحلى سنوات الطفولة، والشباب، وكان ( علي ) يسبقها بعدة سنوات قليلة، وكان يذوب فيها عشقاً منذ أن وقعت عينيه عليها، وهي في ( اللفة ) وكان يغار عليها منذ الصغر، ولا يسمح لأحد سواء بالمدرسة أو حتى الشارع بالنظر إليها، وكان دائم الشجار مع رفاقه من فتيان الحي، وزملاء الدراسة لمجرد شكه أنهم ينظرون فقط إليها .
وكانت زهرتنا البرية ( ندى ) تهيم عشقاً، وتسعد بغيرته عليها، بل تفتعل المواقف التي تثير غيرته حتى ترى نظرات الحب المتأججة الوالهة بعينيه.
وكان الأهل يباركون هذا الحب، ويرعونه، وينتظرون تخرج ( علي ) من كلية الصيدلة حتى تكمل الفرحة، ويتم زواجهما .
وفجأة، وبدون مقدمات أخبر والد ( علي ) أخيه أن يوافق على زواج ( ندى ) من أي عريس مناسب لها لأن أبنه على حد قوله غير مناسب لأبنة أخيه، ويخشى أن يخسر أخيه بسبب ذلك فمن الأفضل زواج ( ندى ) من شخص أخر غير ( علي ) .
وصدم الأب من موقف أخيه، وأسرع بالذهاب لمقابلة ( علي ) بكليته، وذهل لأنهم أخبروه بأن ( علي ) منقطع عن الكلية، ولا يعرفون عنه أي شيء .
واحتار الأب كيف يخبر أبنته التي تنتظر تخرج ( علي ) حتى يجمعهما عش الزوجية وتحقق حلم عمرها، وأوكل الأب هذه المهمة الصعبة لأمه ( جدة ندى)، واحتارت الجدة، ولكنها قررت أن تخبر ( ندى ) قبل أن تعرف من غيرها، وتصدم، وتصاب بمكروه ، وأخبرتها، ولم تصدق ( ندى ) أن يتخلى عنها حبيب عمرها، وهكذا بدون مقدمات بدون أسباب إستحالة قالتها :" ( ندى ) وهي تصرخ بأعلى صوتها ( علي ) لا لن يترك زهرة عمره بهذه السهولة فنحن روح واحدة تسكن جسدين.
أتوسل إليك جدتي أخبريني ماذا حدث ؟ قلبي يحدثني أن ( علي ) به مكروه، وجثت
( ندى ) على ركبتيها، وأخذت تقبل قدمي جدتها ودموعها تسيل أنهاراً، وتتوسل إليها أن تخبرها الحقيقة " وصدق حدسها فقد إنهارت الجدة، وأخبرتها إكتشاف ( علي ) إصابته بالمرض اللعين، وإصراره على عدم معرفة ( روح الروح ندى) كما كان يطلق عليها بحالته الصحية، وهرولت ( ندى ) للمشفي، ولم تتمالك نفسها عندما وجدت ( علي) لا حول له ولا قوة، والأطباء ينظرون بأسى ولا يملكون له ضراً ولا نفعاً، وصرخت ماذا حدث ياحبيب الروح؟ ولماذا لم تخبرني بمرضك ؟ وإنهارا معاً في بكاء مرير يذوب من حرارته الجليد، وأخبرها أنه يتمنى الموت، ولا يرى دمعة بعينيها لذلك أخفى عنها مرضه اللعين منذ معرفته به، وقرر أن يبتعد عنها ليرحل في هدوء .
ورفضت ( ندى ) منطقه هذا، وطلبت منه المقاومة، وقالت له:" معاً، وبالحب سنقهر المرض، ولن يتغلب علينا، وبالأرادة، والثقة بالله، وحسن الظن به ستنجو، ونتزوج
ونجلس ونتذكر هذه الأيام، ونقصها على أولادنا ، وأولادهم بإذن الله تعالى "
وإحتوته بعينيها وقلبها ينزف دماً وروحها يعتصرها الألم
** علية خضر//

ليست هناك تعليقات