(العبرة من حياة السابقين)


مدحت عبدالعليم الجابوصي

لعبرة من حياة السابقين)

وما هذِهِ الدنيا بدارِ إقامةٍ....ولكنَّها عما قريبٍ ستذهَبُ
فصبراً قليلاً في دياركَ واحتسبْ.....فإنَّ احتسابَ الأجرِ مُنْجٍ مُقَرِّبُ
تذكَّرْ بأنَّ العمرَ والدَّارَ ساعةًًٌ......ستمضي ويبقى الذنبُ للربِّ يُغضِبُ
تصبَّرْ عن الدُّنيا أخا العقلِ والنُّهى....فتحظى بما قد تشتهيهِ وتطلبُ
فلا خيرَ فيمن قلَّ في الدَّارِ زادُهُ.....ولم يخشَ للقهارِ يوماً ويرقُبُ
ألا فاعتبرْ واذكُرْ أُناساً بها مَضَوا......وكم جمَّعوا الأموالَ ثُمَّ تَغَيَّبُوا
مُلوكٌُ وفرسانٌ وساداتُ معشَرٍ.....وملكٌ عريضٌ في الوجودِ مُخرَّبُ
قصورٌ وأفنانٌ وطيبُ معيشةٍ........وأُنسٌ بأحبابٍ وعيْشٌٍ مُحبَّبُ
مضى أهلُهُ من بعد حينٍ وودَّعوا......فهلْ ضارَ دُنيا الناسِ فوجٌ مُغيَّبُ
وكم ناظرٍ نحوَ السَّماءِ مخاطِباً.....سيأتي خراجُ المُزنِ نحوي ويُجلََبُ
وكم قائلٍ للأرضِ صرتِ بحوْزتي.....فأمسى ببطنِ الأرضِ والدودُ حاجبُ
وكم سائرٍ يلهو بأرضٍ كأنما......يضاهي الجبالَ الشُمَّ طولاً ويلعبُ
مَضَوا كلُّهُم في التُّرْبِ للدودِ مأكلٌ....وحُقَّ لدودِ الأرضِ بالأُكْلِ تطرُبُ
مدحت عبدالعليم الجابوصي

ليست هناك تعليقات