تاجر سموم_




: ياسر عامر  //  يكتب   
تاجر سموم_
هالة أخصائية تغذية، تعلمت تأثير الطعام على الجسد، مميزاته ومخاطره، تعلمت ان كل شيئ يدخل الي الجسد لابد ان يكون مضبوطا فاي خلل واو بسيط يخل بالجسم بأكمله، تعلمت هالة ان كل شيئ بميزان وان الخالق خلق الخلق ووضع ضوابط وقوانين ونظم، لو اتبعناها لنجونا وفزنا ولو خالفناها لسقطنا وهوينا، تعلمت هاله الإنضباط بحكم تربيتها العسكريه المنضبطة، وبحكم دراستها لعلوم الأ
غذيه، تعامل هاله مع اصحاب الأمراض المستعصية والمزمنه واختلاطها بهم بحكم عملها، جعلها تقترب من الله، جعلها تتعامل مع اشخاص قد لا يتبقي لهم الا دقائق معدودات في عالم الدنيا، قبل أن ينتقلوا إلى مكان وزمان أخر بأرواحهم، أما جسدهم فيواري التراب، هذا جعلها مستيقظة الضمير دائما، ولا تقتنع هاله بكونها تعطي تعليمات وأوامر خاصة بالتغذية سواء كانت بالقبول أو الرفض لأنواع من الطعام حسب طبيعة كل شخص، ولكنها ايقنت من داخلها انها كحمامة سلام تنشر النصيحه والسلام مع كل من تتعامل معه، أو مع أهله واسرته، وذهبت هاله يوما إلى مريض بالمرض الخبيث كما يطلق عليه العامة، أعطت العنوان الذي كتبه لها الطبيب المعالج على ورقة من دفتر روشتات العلاج، للسائق الذي إنطلق بها للمكان المطلوب، حيث طلب منها أن تعطي للمريض أوأسرته طبعا برنامجا غذائيا يساعده على البقاء بأقل ألم وعلى تقبله للعلاج، بعد أن تراه وتقيس طوله ووزنه، وقفت السيارة بهاله أمام منزلا كبيرا يشبه القصور العتيقه، مما يدل على أن هذا المريض ثري ثراءا فاحشا، وأكد لها ذلك عندما دقت جرس الباب العالي، وفتح لها أحد أبناء المريض فرأت أن القصر من الداخل، لا يقل مستوي عن الخارج فقد أصطفت على جوانب الغرفة تحف وتماثيل وبعض الأنتيكات القديمه التي لا تقدر بثمن، وهناك في أخر الغرفه وجدت سريرا كبيرا في منتصفه رجلا هزيلا، يظهر من بعيد كانه هيكلا عظميا، أوكشبح إنسان، وكان حوله أربعة من الأبناء تبدو عليهم الصحه الجيدة، طولا وعرضا وارتفاعا كأنهم أبراج تحيط ببناء صغير فاني هو والدهم، وخالتهم هاله في بداية الأمر أنهم " بودي جارد" من مظهرهم وعضلاتهم المفتولة، حتى عرفها عليهم الرجل المريض بصوته الواهن، وجلست هاله بحب ومودة ونظرت له بتفائل حتى تعطيه إحساسا بالأمل، وأخذت تلاحظه جيدا محاولة ان تحسب طوله ووزنه بذكاء مهني وهي ممسكة بيدها دفترا تكتب فيه عن المحظورات من الغذاء، وتطرق الحديث عن اسباب المرض فتقمصت هاله دور خطيب مسجد، وتخيلت أنها تعتلي المنبر وتنادي في جموع المصلين، يا معشر الناس، إبتعدوا عن المسبكات، وإياكم والحوادق، لا تقربوا الدهون، العلم ينهاكم عن كل ما هو غير صحي وملوث، اياكم اياكم وتناول الطعام المعالج بالاسمدة الكيماويه، وعليكم بالطعام "الأورجانيك" وأنهت هاله خطبتها وهمت أن تنزل من على المنبرفلابد لها ان تدعو، وتخيلت انها تقول ان داعية فأمنوا، وأخذت تهتف اللهم انتقم من تجار السموم، اللهم انتقم من مستوردي وتجار الأسمدة والكيماويات، اللهم خذهم اخذ عزيز مقتدر، اللهم اسقهم من كاس المرض، ولا ترحمهم لما يفعلوه بالناس، تجار السموم جزائهم النار والعياذبالله، ولاحظت هاله ان المصلين، أو من حولها من أبناء الرجل تحولت وجوههم الي لون الدم، وبدي الغيظ في اعينهم، واحمرت وبات الغضب يظهر من بين نواجزهم الكبيرة، وتخيلت هاله أنهم من أكلة لحوم البشر وسيهموا بأكلها حيه، على اسا انها رشيقه ونيه وخاليه من الدهون والكوليسترول، أما الرجل المريض فقد ذاد اسوداد وجهه واخذ يتمتم بكلمات غير مفهومة، وهو ينظر لها ويشير لها ناحيه الباب، أما ورقة الكشف التي رتبت وكتبت ونظمت بها أنواع الأطعمة، فقد طارت الي مكان غير معلوم، من أول عملية شهيق وزفير للرجل المريض، ونظرت في اعينهم التي لا ترمش وكأنهم على رؤسهم الطير، وجائها هاتف فجأة، فسالت في حيرة من أمرها، يا تري هو باباكوا شغال إيه؟ فاجابوا في صوت واحد كهدير الدبابات ..... أبونا تاجر سموم ...............

ليست هناك تعليقات