24 - جذور ثقافية "سيرة ذاتية"



 يحيى محمد سمونة/يكتب............
24 - جذور ثقافية "سيرة ذاتية"
كان أستاذ طاهر [هو أستاذ الفلسفة في الثانوية التي كنت طالبا فيها ـ الحسن بن الهيثم ـ ] أقوى بحجته مني في الحوار الذي دار بيننا في بيت صديقي عبد الباسط، و أنا التلميذ الذي لا يزال يحبو على مدارج الثقافة و لايفقه كثيرا بمداخلاتها و مقوماتها! بل حسبي ما تلقيت و قرأت في الفكر و العلم و المعرفة من كتب مدرسية و صحف و مجلات كنت أقرأها بعفوية من غير إدراك لمغزاها و مرماها! لكن الأستاذ طاهر ـ و هو المخضرم ثقافيا ـ كان يمسك بزمام الحديث و يوجهه الوجهة التي يشاء و ذاك هو حال أصحاب الايديلوجيات عموما إذ تجدهم على دراية و معرفة في كيفية إثارة الشك لدى مستمعهم في الذي يعتقد صحته أولا و من ثم تجدهم يمهدون بوسائل مختلفة لحقن أفكارهم التي هم عليها!
 و بغض النظر عن الآلية التي دار الحوار من خلالها بيننا أنا و صديقي و الأستاذ [ لا نزال في مجتمعاتنا العربية نفتقد كثيرا إلى آلية صحيحة لحوار سوي سواء كان ذلك من حيث الأسلوب أو المنهج أو من حيث اختيار الموضوع و محور الحوار ] فإن الأستاذ حاول احتواءنا و تزكية الـ [أنا] فينا بأن أبدى إعجابه بنباهتنا أنا و صديقي و ما نحن عليه من حيوية و نشاط و بداهة، و كان كلامه يقع موقعه في نفوسنا حتى غدونا على استعداد تام لتقبل أفكاره برمتها و نحن الذين كنا نرفض أفكاره جملة و تفصيلا !!
 لقد جعل ـ الأستاذ ـ يحدثنا عن الاشتراكية باعتبارها بلسما لجراح شعوب الأرض قاطبة !! و أنها ـ أي الاشتراكية ـ هي الحل التاريخي و الحتمي لمشاكل الإنسان حيثما وجد!!
 و كان مما حز في نفسي ألا أجد القدرة على تفنيد كلامه! و ذلك بحكم افتقادي إلى فهم صحيح و سوي لمفردات نصوص الوحي المطهر باعتبارها مرجعا لثوابتنا الفكرية و المعرفية و العلمية و من خلالها يتم الرد بشكل منطقي و صحيح على جميع الأفكار الدخيلة التي يتم استنباتها و زراعتها عنوة في رحم ثقافتنا لكي لا نفقه من أمور حياتنا شيئا!!
 نعم.. لقد بدأت في تلك الفترة من حياتي أميل للتثقف بثقافة دينية و لكن هيهات لي أن أعرف الغث من السمين ! فالخطاب الديني آنذاك بدا مشحونا برؤى منحازة،و كان محملا بعواطف و أمنيات و رغبات يجانبها الصواب و يسلب منها صفة الواقعية و يحجر على فكر متلقيها! و لذا كانت رؤيتي للمفردات الدينية ضبابية و غير واضحة المعالم ولا يمكن اعتمادها !

ـ يحيى محمد سمونة.حلب ـ

ليست هناك تعليقات